العمل فى اجازة الصيف وبناء الرجال

حضر سفير المانيا فى القاهرة لاستلام عمله الجديد – والحق ابنه بمدرسة فى المعادى – وكان يجعل ابنه يذهب الى المدرسة يومياً سيرا على الأقدام – وذات يوم جاءه الولد وطلب منه ان يشترى له دراجة يذهب بها للمدرسة – فقال له والده ان عليه ان ينتظر حتى تأتى أجازة الصيف ويبحث عن عمل يدخر من أجره لشراء العجلة بنفسه – فصمت الابن وانصرف – وبعد أسبوع تحدث التلميذ مع والده مرة أخرى وقال له ان زملاء له فى المدرسة يأتون فى سيارات فخمة ذات سائق يوصلهم كل يوم لباب المدرسة – بينما والده لا يريد شراء دراجة بسيطة له! وما ان سمعت أمه هذا الحديث من ابنها حتى طلبت من زوجها السفير ان يعودوا فوراً الى المانيا ليستطيعوا تربيته تربية سليمة

لعل هذا أحد أسباب تقدم الشعب الألمانى – وما يشتهر به العامل الالمانى من دقة وتفانى فى العمل تفوق ربما عمال أى دولة أخرى

كثيرا ما أتذكر هذه القصة وأتحسر على اولادنا الذين عودناهم على أن كل طلباتهم مجابة – فينشأؤن على الاستهتار بالنقود وعدم الاحساس بالمسئولية أوتحمل المهام الجادة – وسارت أهدافهم تنحصر أغلب الوقت فى اللعب وشراء أحدث الأجهزة – حتى فى دراستهم أصبحوا يعتمدون كليا على الدروس الخصوصية ولا يذاكرون بل يعتبرون أنهم بأخذ الدروس قد أدوا ما عليهم – وليلة الامتحان شيت/مذكرة فى السريع يذاكروها ساعة وخلاص على كدة – وليس من ضمن اهتماماتهم التخطيط لمستقبلهم او وضع أهداف طموحة والسعى لتحقيقها بحماس وجدية

لكنى تذكرت قصة السفير الالمانى اليوم وانا استمع لرواية مشابهة عن كفاح أب مصرى حكاها ابنه لنا

وهو صغير طلب من والده أيضا دراجة – ولم يكن والده سفيرا – بل رجل فقير –  فطلب منه ان يعمل ويدخر لشراء ما يريد – فذهب الولد يبحث عن عمل ووجد عملا فى فرن (مخبز) – واستمر يدخر حتى تمكن من شراء الدراجة التى كان يحلم بها – لكنه احب العمل فاستمر يعمل به – وبدأ يحلم بيوم يستطيع فيه ان يكون صاحب فرن – وبدأ يدخر أجره ليحقق هذا الحلم الكبير – حتى استطاع بعد عدة سنوات أن يدخر مبلغ يكفى لتأجير مكان صغير وبدأ فى تجهيزه كفرن – وبدا يكسب مبالغ لم يكن يتخيلها – مما مكنه من التوسع فى عمله – الى ان أصبح اليوم يمتلك مجموعة مخابز تدر عليه 2000 جنيه ربح يومى – ووظف اخوته واقاربه فى المخابز ليعم الخير والرزق على الجميع – وانتقل مع اسرته من الحى الشعبى المتواضع الى سكن تمليك فاخر اشتراه بملايين فى حى راقى

لو كان ذلك الأب استجاب لابنه واشترى له الدراجة – ترى هل كان سيصبح بهذا الثراء اليوم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.