نوارة نجم كاتبة سياسية تتميز كتاباتها بتحليلات عميقة مبنية على معلومات غزيرة – وهى أيضاً ناشطة سياسية ومن مفجرى ثورة 25 يناير وأحد أهم أيقوناتها الشهيرة
لكن نوارة نجم تفتقد الى الذكاء السياسى ولذلك وقعت وأوقعت معها الآلاف من شباب الثورة ومن محبيها والمخلصين لها – فى أخطاء جسيمة تسببت ومازالت تتسبب فى تحقيق خسائر فادحة لمسار الثورة ومكتسباتها
المجلس العسكرى من أول يوم فى الثورة قرر أن يقود الثورة المضادة – لكنه يقودها بذكاء وحنكة لا تتوافر للأسف لشباب الثورة – فطوال الوقت كان هدفه عزل جموع الشعب عن الثوار – حتى يتلافى خطر تأييد أغلبية المصريين لشباب الثورة – فراح يستدرجهم المرة تلو الأخرى الى مواجهات دامية – وفى كل مرة يتقن تلفيق التهم ودس البلطجية وشحن الإعلام الرسمى كله لتصوير شباب مسالم أعزل وكأنهم وحوش كاسرة يريدون تخريب البلد والقضاء على الجيش وقتل الجنود وحرق آلياته والإستيلاء على أسلحته والإتصال بجهات أجنبية والتمويل الخارجى – الى آخره من الأكاذيب التى يتقنون إخراجها وتدور بها الآلة الرهيبة للإعلام الرسمى المضلل – وفى كل مرة ينجح العسكر نجاحاً مدوياً فى تضييق الخناق على شباب الثورة وعزلهم ويزداد السخط الشعبى على الثورة ومن قاموا بها لكونهم “خربوا البلد”
هذا الدهاء السياسى من جانب عواجيز العسكر بالتعاون مع ذئاب طرة والداخلية – لم يقابله على الجانب الآخر أى إدراك للعبة السياسية التى يديرها العسكر بإتقان محكم – وسار المشهد أشبه باللعبة الوحشية المسماة بمصارعة الثيران – المجلس العسكرى يقف فى قمة الأبهة والعظمة – مخفياً سيفه خلفه ودستة من السهام المدببة القاتلة ببط – وشباب الثورة فى المقابل واقفين لا بهم ولا عليهم – لكن ما أن يلوح المجلس العسكرى بأى شئ أحمر – وهو لديه من الأحمر الكثير – يهب الثور – أقصد شباب الإخوان فى إباء ويتقدمون اليه – وما أن يقترب الثور حتى ينتهز المجلس الفرصة ويغزر فيه أحد خناجره فى مكان يقتل قتلاً بطيئاً – وسط هتاف الجماهير من حزب الكنبة – ويعيد المجلس تلويحه بأى شئ أحمر ولا يتعلم شباب الثورة فيعيدون الإقتراب من القاتل البطئ المرة تلو الأخرى – وعندما يصل حماس الجماهير الى مداه – يغرز المجلس السيف فى حركة سريعة وسط نشوة عارمة للمتفرجين الذين لم يغادروا أماكنهم من أول لحظة – ويرفعون القاتل على أكتافهم ويهنئونه على تخليصهم من الثور الهمجى الذى أضر بالبلاد والعباد
هذه اللعبة التى يسهل على طفل صغير فهمها – لم يستوعبها شباب الثورة للأسف – فخسروا تأييد أغلبية الشعب – وكان الأجدر بهم أن يفوتوا الفرصة على خطط العسكر فى الإيقاع بهم وتشويه صورتهم
فمثلاً فى العباسية – لا يجادل أحد فى أن الشعب من حقه التظاهر والإعتصام فى أى مكان بمصر – لكن يجب إستقراء الأحداث – كان يجب أن يدركوا أن هناك فخ جديد ينصب لهم – صحيح شباب الثورة مسالمين – لكن ما أسهل أن يخلق العسكر بأنفسهم مبرر الإنقضاض عليهم – بأن يدسوا بلطجية بينهم يخربون وإعلام رسمى يصور ويضلل – فتصبح الفرصة مهيأة للإنقضاض بكل وحشية على المتظاهرين بل وبتأييد كامل من أغلب الشعب
يقول المثل الأمريكى it takes two to tango أى أن رقصة التانجو لابد لها من إثنان – فلو كان لدى شباب الثورة أى قدر من الذكاء السياسى لعرفوا كيف يفشلوا أى خطط جهنمية للعسكر – ولعرفوا كيف يحتفظوا برصيدهم لدى جموع الشعب – ولإضطر العسكر الى أن يرقصوا مع أنفسهم ولأصبح منظرهم مضحكاً
والآن يتكرر نفس الغباء السياسى الذى تقوده نوارة نجم ذات التأثير الكبير لدى شباب الثورة – فهى فى عز فترة الإنتخابات كانت منهمكة عن 85 مليون مصرى بالكلام عن 350 معتقل فى السجن الحربى – ومشغولة عن مصير أمة بكاملها بمصير الجيزاوى عند يطول عمره – ثم هى الآن – بعد أن شاركت مع شباب الثورة المغيب تماما عن السياسة فى هزيمة حمدين صباحى وتسلل شفيق الى جولة الإعادة بكل أسف – تدعوهم الى مقاطعة جولة الإعادة – مما قد يتسبب فى كارثة قومية يدفنون بعدها الثورة – فى حين أن المنطق الطبيعى هو أن الخيار الوحيد الآن هو محمد مرسى (الاستبن) فهو على الأقل رجل مدنى وليس عسكرى – وأكثر الخسائر المتوقعة هى أن يعقد صفقة مع العسكر يبعد حبل المشنقة عن رقابهم ويحفظ لهم مزايا فى الدستور – وهاتان المشكلتان يمكن حلهما فيما بعد مع رئيس أنظف – لكن أن تتسبب نوارة وشباب الثورة الذين يؤمنون بها فى أن نرشق فى شفيق فهذا هو الجنون بعينه – ولن نستطيع التراجع بعدها
لذا أوجه نداء عاجل لكل شباب الثورة – إحذروا آراء نوارة نجم – فهى ثورية من الدرجة الأولى – لكنها صفر على الشمال فى الذكاء السياسى وتسببت فى خسائر لمسار الثورة أكثر مما سببه لها أى شخص آخر