ظلمنا فى كتب التاريخ مينو القائد الثالث للحملة الفرنسية – وهذه محاولة لتصحيح المعلومات وانصاف الرجل بالأقتراب اكثر من الحقيقة من خلال مصادر مختلفة :
الجنرال عبدالله مينو: الحقيقة عن ثالث قادة الحملة الفرنسية
لا جدال في أنه جاء غازياً وانسحب بعد هزيمة الحملة الفرنسية عسكرياً، وليس الهدف من هذا المقال تمجيد المحتل أو تبرير أفعاله، فمقاومة المحتل حق مقدس وواجب ملزم. الهدف هنا هو الوقوف على جوانب شخصية الجنرال مينو (1750-1810) ومقارنتها بالصورة الذهنية المنطبعة لدينا.
ما سبق كان مقدمة لازمة قبل تناول شخصية الجنرال عبدالله مينو، ثالث قادة الحملة، الذي إن سألت أحداً في منطقتنا العربية عنه سيجيبك، بأنه ذلك الجنرال المتواضع المستوى، المحدود الكفاءة، الذي تظاهر باعتناق الإسلام تقرباً للمصريين وحتى يتمكن من الزواج من زبيدة فاتنة رشيد، تلك العذراء التى تهافت عليها شباب بلدتها وفاز بها الجنرال مينو.
وبالطبع ستدهش إذا علمت أن زبيدة بنت محمد البواب سبق لها الزواج من سليم أغا نعمة الله وطلقت منه، حسبما ورد في وثيقة زواجها من مينو المحفوظة في محكمة رشيد الشرعية، وستزداد دهشة إذا علمت أن مينو بعد عودته إلى فرنسا تقلد العديد من المناصب الرفيعة التى لا يتقلدها عادة سوى من تتوافر فيهم صفات القيادة والحزم (حاكماً عاماً لتوسكاني، وفينيسيا)، وإذا أكملت هذه السطور إلى نهايتها فقد تعيد النظر في ما وصل إلينا عن مينو وتدرك أنه قد لا يمت للحقيقة بصلة، أو – على أقل تقدير- ليس هو كل الحقيقة.
فهناك رؤية مختلفة تناولها الضابط جوزيف مواريه في مذكراته عن الحملة والتي كانت معدة للنشر عام 1818، وتأجلت لأسباب غير معروفة ونشرت للمرة الأولى في باريس عام 1984 وأصدرها المركز القـــــومي المصري للترجمة بالعربية.
وبداية نسجل أن مواريه لم يرتح لمينو، مثله كبقية جنود الحملة الفرنسية، لا سيما بعد البيان الأول الذي أصدره الجنرال لمناسبة توليه القيادة خلفاً لكليبر، اذ حرص على تذييل البيان باسمه الجديد «لقب عبدالله الذي حمله القائد الجديد لم يترك انطباعاً في مصلحته ولم يكن انتماؤه للجمهورية ليطفئ بداخلنا جذوة أفكارنا الدينية التي نهلنا تعاليمها من تربيتنا الأولى وعاداتنا القومية، فهذا الرجل المرتد عن دينه الذي تخلى عن بلاده ليدخل في شريعة محمد ويرتدي العمامة، هل هو كفوء لقيادتنا؟». والتساؤل السابق يبرئ صاحب المذكرات من تهمة الإنحياز لمينو ويطرح شكوكاً عديدة ساورت جنود الحملة بشأن صلاحية مينو لقيادتها بعد اعتناقه الإسلام.
ويمكن لنا تحليل البلاغات الرسمية الصادرة من مركز القيادة باسم مينو، والموجهة إلى جنود الحملة في مصر، وأهمية هذه البلاغات تكمن في أن المؤرخين عادة ما يتشككون في صدقية البلاغات الموجهة إلى المصريين باعتبارها محاولة من المحتل لاستمالة أهل البلاد، بينما تعبر البلاغات الصادرة من القيادة إلى الجنود عن المنهج الفعلي للجنرال مينو.
هل كان مينو إنهزامياً؟
«لقد قلت إن الجميع، نعم الجميع، ممن لا يرضيهم إلا سماع صوت الشرف والارتباط بالجمهورية والمصلحة القومية، سيشعرون بأنه ليس من سبيل آخر ولا أية طرق شرعية ومشرفة لإبرام أية معاهدة مع الأعداء سوى هذه الطريقة – يقصد معاهدة مشرفة – ولو أنني رجحت كفة مصالحي الشخصية وغفلت للحظة عن كوني جمهورياً أو استطعت إيثار ما هو شخصي على الازدهار العام لما ترددت مثلكم ولو للحظة في الرغبة في العودة إلى بلادنا، ولكن لا أيها الجمهوريون، لا أنا ولا أنتم فكرنا على هذا النحو لأن مصلحة الجمهورية هي وحدها التي تقودنا، وان استدعى الأمر فسوف نحارب ونكسب».
أما عن الصفات القيادية لمينو فيقول مواريه: «على رغم تحفظاتنا في البداية عن الجنرال مينو بسبب تغييره اسمه، وحبه لمصر، إلا أننا لم نلبث أن اكتشفنا خصاله وأعجبنا بها وبعقليته المنظمة وحبه للعسكريين ومعرفته الواسعة بشؤون الإدارة وأخلاقه الكريمة. حاول أن يقودنا بلغة الإقناع وليس بلغة الأوامر التي تتسم بالقوة والحدة، ولكن هذا لا يعني أنه لم يكن حازماً حينما كانت الظروف تقتضي هذا». «لقد دأب على تقديم أية مساعدة تقع في نطاق مسؤولياته لأقل جندي. لقد كان واضحاً تماماً من أسلوب تعامله الراقي أنه تلقى تربية ممتازة. لقد أحاط نفسه بكل من يبدون له النصيحة والمشورة وينيرون له الطريق ليتمكن من الاضطلاع بمهمة الإدارة على أحسن ما يكون. استطاع أن يخرس بحزمه الألسنة كافة التي أرادت الوقيعة ولم يتورع عن الإعلان عن أية انحرافات».
هل كان يخدع المصريين بإسلامه؟ هنا نورد تلك الفقرة التي تعد وثيقة مرجعية عن كيفية معاملة من وقعوا تحت الاحتلال، إذ يخاطب مينو جنوده بقوله: «إنني مستاء من العديد منكم، فقد تعالت الأصوات تكشف عن مظالم خطيرة، إذ يسمح الجنود لأنفسهم بمعاملة السكان بغلظة وفظاظة، ما هذا! كيف تكونون جمهوريين ولا تعرفون معنى الكرم؟ أيها الجنود، فلتتعلموا كيف تكونون كرماء مع المصريين، تعلموا احترام الشيبة، واحترام النساء، تعلموا العدل. أي مجد ستكسبونه بالإساءة إلى رجل يرتعد أمامكم، أو حين تخطفون أو تهينون امرأته، فلتعاملوه مثلما تريدون أن يعاملكم إذا تبادلتم المواقع. لقد بلغتني شكاوى عن تجاوزات اقترفت في الحمامات العامة، فهناك من يريدون اقتياد نساء للاستحمام معهم، إن هذا الجرم يعاقب عليه القانون في جميع البلدان المتحضرة، فهو مدمر للعادات والتقاليد العامة، انني آمر الجنرالات والقادة العسكريين جميعاً بأن يردعوا ويعاقبوا بشدة مرتكبي الجرائم التى أوردتُها أعلاه».
أما عن حنكته الإدارية، فيقول مواريه: «دفع لنا الجنرال مينو كل مستحقاتنا المتأخرة وأعاد رواتبنا وكفلها لنا مستقبلاً واستطاع الوصول إلى هذا الحل السعيد بحكمته الإدارية وبوسائل تهدف كلها لرفاهية الجيش من دون الإضرار بمصالح السكان ولا إرهاقهم».
أما عن الهزيمة العسكرية التي حاقت بالفرنسيين على يد الإنكليز، فيقول مواريه: «اتخذت الخلافات القائمة بين القائد العام والعديد من المنشقين منعطفاً خطيراً فيه ضرر على أمن وسلامة الجيش، وقرر الجنرال وضع حد بموجب سلطاته، ففي الليل قام بغتة باعتقال الجنرال رينيه ودوما، وأرسلهما بحراً إلى فرنسا». ويوضح الجنرال في بيانه للقوات السبب في اتخاذه هذا القرار الذي أرجعه إلى «استسلام القوات التي كانت تحت إمرة القائدين من دون مقاومة ومن دون أن يُشن عليها هجوم منتظم». هذه وجهة نظر أخرى عن شخصية عبدالله مينو، ربما يكون فيها شيء من الحقيقة، ولكنها تبين أننا لا نملك الحقيقة كلها، ولعل الوقت حان لإعادة النظر في مناهج التعليم في بلادنا، فبدلاً من الاعتماد على مناهج الحفظ والاستظهار وإصدار الأحكام القطعية، سيكون من الأنفع الاعتماد على طرق تعين المتلقي على طرح الأسئلة ولو من باب الإحكام.
كتب – وسيم عفيفي
جاك فرانسو مينو القائد الثالث والأخير للحملة الفرنسية على مصر، تولى قيادة الحملة عقب مقتل الجنرال كليبر على يد الطالب الأزهري السوري سليمان الحلبي في يونيو سنة 1800
ولد “مينو” في غرب فرنسا في 3 سبتمبر سنة 1750، و قام بالالتحاق بالحياة العسكرية والتحق بالعمل العسكري وكان على كفاءة عالية في المسائل العسكرية وله باع كبير في الإدارة.
جاك فرانسوا مينو
وفي الحملة الفرنسية كان “مينو” مع الجنرال نابليون قائداً عسكرياً فذاً وكذلك كان نائباً لكليبر وعند قتله تولى مينو حكم مصر وسمى نفسه عبد الله وتزوج من السيدة الرشيدية زبيدة بنت محمد البواب التي كانت متزوجة من سليم أغا وانفصلا وانقضت عدتها وانتظرها مينو ليتزوجها.
أما في سبتمبر سنة 1801 رحلت الحملة عن مصر وبعد رحيلها بعام وفي 2 يناير من عام1801 تلقي مشايخ الديار رسالة فورية من وكيل الديوان يقول فيها: إن ساري عسكر ولد له مولود جديد وأسماه سليمان وذلك تيمنا باسم قاتل كليبر وكان مينو يكره كليبر جدا.
كانت أول دراسة عن زواج مينو وزبيدة قام بها العالم المصري علي بك بهجت عضو المجمع العلمي المصري في عام1898 ويقول علي بهجت نقلاً عن الصحفي عزت السعدني: ” لقد تتبعت أخبار “مينو” وأسرته وأطلعت علي مذكرات قواد فرنسا وانجلترا وأؤكد الآتي : –
– عندما قرر مينو سفر زوجته إلي فرنسا طلب من الانجليز تصريحا لها وإن كان الترك في بادئ الأمر قد رفضوا أن تترك زوجة مينو مصر.
– لما قام مينو في تورينو ثم في البندقية في إيطاليا أقامت معه زبيدة ويبدو أنها بعد موت زوجها في عام1810 قد انتقلت إلي مارسيليا في فرنسا.
– ولقد انجبت زبيدة من مينو ولدين كما قال الجبرتي إنه ولد في يناير 1801 واسماه سليمان مراد جاك مينو ولعل هذا الابن قد توفي بعد موت أبيه في إيطاليا أو فرنسا , وإن كان يبدو أن لمينو ابنا آخر غيره من زبيدة نفسها لا أحد يعرف عنه شيئا وبقيت زبيدة بمصر إلى أن ماتت، أما مينو فقد توفي في إيطاليا في 13 أغسطس 1810.
بالصور.. زبيدة.. ملكة لم تهنأ بعرش مصر

رشيد، مدينة مصرية تُلقب باسم بلد المليون نخلة، تقع فى أقصى شمال مصر، وتقع على رأس فرع رشيد أحد فرعى نهر النيل والذى سُمى باسمها، إلا أن شهرتها الحقيقية جاءت مع الحملة الفرنسية التى اجتاحت مصر فى عام 1798 واستمرت بها حتى عام 1801.
ونجحت سيدة من أهل البلدة فى لفت الأنظار اليها، بعد زواجها من قائد الحملة مينو، الذى أسلم من أجل عيونها، هى زبيدة بنت محمد البواب، التى ما زال منزلها شاهدا على قصة حياتها وزواجها ومماتها ايضا.
وكتب الجنرال الفرنسى مينو، القائد الثالث للحملة الفرنسية على مصر، فى رسالة إلى أحد جنرالات الحملة، ردا على سؤاله حول زواجه من زبيدة ابنة السيد محمد البواب أحد أعيان رشيد، قال فيها:
“زوجتى طويلة القامة، مبسوطة الجسم، حسنة الصورة من جميع الوجوه، لها عينان رائعتان، ولون بشرتها هو اللون المصرى المألوف، وشعرها طويل فاحم، وهى لطيفة الطبع، وجدتها تتقبل كثيرا من العادات الفرنسية بنفور أقل مما توقعت، وأنا لم ألح عليها بعد فى الخروج سافرة على الرجال، فهذا سيأتى شيئا فشيئا، ولن أنتفع بما أباحه النبى من الزواج بأربع نساء خلاف السرارى، فإن فى النساء المسلمات شهوة حارة عنيفة، وفى زوجة واحدة أكثر من الكفاية”.
وقال عبدالرحمن الرافعى فى كتابه “تاريخ الحركة القومية، تطور نظام الحكم فى مصر” إن مينو لم يقصد زبيدة بالذات، وإنما كانت لديه الرغبة فى مصاهرة عائلة تتصل بالسلالة النبوية.
وفى رشيد، يوجد نحو 20 منزلاً أثريا يعود تاريخها الى القرن الثامن عشر، وتتميز جميعها بتمازج الإبداع المعمارى المملوكى.
ويعد منزل الميزونى الذى شيده محمد عبد الرحمن البواب الميزونى، واحدا من أهم تلك المنازل، حيث يتكون من أربعة طوابق، وتتميز الواجهة بوجود بلاطات من القيشانى ولوح رخامى مثبت عليه تاريخ الإنشاء.
وقد كانت زبيدة واحدة من أجمل فتيات رشيد، وكان قد سبق لها الزواج وهى فى الثامنة عشرة من عمرها، فى حفل كبير من سليم أغا نعمة الله أحد أثرياء المماليك، إلا أن هذه الزيجة لم تستمر، حيث وقع الطلاق بعد عام واحد فقط.
وفيما كانت تفكر فى مصيرها بعد الطلاق، كان الجنرال مينو مبعوث نابليون بونابرت يتسلم مفتاح مدينة رشيد من كبار أعيانها فى يوليو من عام 1798.
كان مينو المثقل بالديون التى تركها فى باريس يحلم بتكوين مجد شخصى له فى رشيد يكمل به حلم الإمبراطورية الفرنسية التى يحلم بها نابليون رفيق دربه، فحرص على احترام الإسلام والاحتفال مع المسلمين بأعيادهم ومناسباتهم حتى فى صوم رمضان.
ورغم ما كان لديه من جوارى من جنسيات مختلفة، إلا أن نفسه تاقت إلى زوجة شرقية تؤنس وحدته، ولكنه كان يعلم أن أحداً لن يزوجه ابنته من دون اعتناقه للإسلام، فأشهر إسلامه وسمى نفسه عبد الله.
سأل مينو عن أجمل نساء رشيد فأخبروه عن ابنة الشيخ الجارم إمام مسجد المحلى، وزبيدة ابنة محمد البواب تاجر الأرز المعروف، وعلم الشيخ الجارم بنوايا مينو، فأسرع بتزويج ابنته من أحد تلاميذه، الذين يأخذون عنه علم الحديث. فلم يبق أمام مينو إلا زبيدة تصغره بنحو 30 عاما.
وقد حكى التاريخ الكثير عن افتتان مينو بزوجته شرقية الملامح حتى إن إجازة زواجه منها امتدت لأكثر من شهرين.
وبعدما قرر بونابرت العودة إلى فرنسا اتجه مينو إلى العريش للقاء قائده وتلقى الأوامر منه بشأن بقاء الحملة فى مصر، وتعيين الجنرال جين كليبر قائدا عاما على مصر فى أغسطس 1799.
كان خروج نابليون إيذاناً بانقسام الحملة الفرنسية الى معسكرين، أولهما: بقيادة الجنرال كليبر، وكان يؤمن بعدم جدوى البقاء فى مصر، مفضلاً الانسحاب المشرف من مصر.
والثانى بقيادة مينو، الذى رأى ضرورة توطيد الوجود الفرنسى على أرض مصر واستمرار الوجود الفرنسى فيها.
واستمر الخلاف بين الجنرالين حتى مقتل كليبر على يد سليمان الحلبى فى 14 يونيو من عام 1800.
وبعدها تولى مينو قيادة الحملة الفرنسية فى القاهرة، تاركا زبيدة فى منزل الميزوني، وهى حامل بطفلهما الأول، والذى وضعته فى 27 نوفمبر من عام 1800 وتم تسميته سليمان مراد جاك.
واعتقد مينو أن الأمور قد استقرت له فى مصر، إلا أن تحالف الإنجليز والأتراك لم يسمح له بذلك، حيث تم الاتفاق بينهما على طرد الفرنسيين من مصر، وبدأ ذلك حينما هاجم الأسطول الإنجليزى الإسكندرية عام 1801، فخرج مينو إلى الإسكندرية لمواجهة الإنجليز، ولكنه فشل فى تحقيق أى انتصار عليهم، وليتواصل زحفهم حتى رشيد، فكان قرار زبيدة هو الهروب مع رضيعها خارج المدينة، ولتتنقل من مكان الى آخر حتى وصلت القاهرة حيث استضافها الضابط الفرنسى ألفران أحد أعوان زوجها مينو، الذى أقنعها بالرحيل هى وطفلها إلى فرنسا مع القوات المنسحبة فى التاسع من أغسطس عام 1801، ثم لحق بها مينو، وظلت فى عصمته، لكنه تنكر لها وهجرها فى تورينو بإيطاليا، وأبدل بها بعض الراقصات واتخذهن صديقاته، وتركها تعانى غصة العيش والهجر إلى أن توفيت بها.
وقال بعض المؤرخين الفرنسيين إن زبيدة ماتت فى فرنسا ولم تعد إلى مصر.
وقال الدكتور أحمد حسين الصاوى أستاذ الصحافة فى الجامعة الأمريكية: “إن زبيدة سافرت إلى فرنسا مع ابنها سليمان مراد وهناك أهمل مينو أمرها، ومات طفلها ثم عادت إلى مصر بعد أن عانت كثيرا من المتاعب”!
بالصور.. حكاية “زبيدة” التي أحبها الجنرال الفرنسي “مينو” في رشيد
قامت كاميرا موقع “صدى البلد” بجولة في متحف رشيد الوطني الذي يتولى الأثري سعيد رخا منصب مديره العام، حيث رصدنا ضمن معروضاته نسخة طبق الأصل من وثيقة زواج الجنرال مينو القائد الثالث للحملة الفرنسية على مصر من السيدة “زبيدة البواب” بعد إشهار إسلامه، حيث إن الوثيقة الأصلية نفسها التي تعد كنزا تاريخيا محفوظة في دار الوثائق القومية.
وحسب ما جاء بالوثيقة التي اكتشفها العلامة علي بك بهجت في دفتر خانة محكمة رشيد الشرعية، كان صداق زبيدة الذي قدمه لها مينو”100 محبوب كل واحد منها بمائة وثمانين نصفها فضة” ,كما تضمنت في أحد شروطها أن يدفع لها مينو 2000 ريال نظير فراقه لها في حالة الطلاق, وإن مات وكانت لا تزال في عصمته تأخذ من ماله الألفي ريال.
كما تضمنت الوثيقة تأكيدا على صدق إسلام مينو ونطقه للشهادتين،, وأنه أظهر الحب للمسلمين وبعد إسلامه سمى نفسه عبد الله, كما أن الزواج تم في حضور -كما جاء نصا بالوثيقة- “مولانا العلامة السيد أحمد الخضري المفتي الشافعي، ومولانا الشيخ محمد صديق المفتي الحنبلي، ومولانا السيد محمد المفتي المالكي”.
جزء آخر من حكاية “زبيدة ومينو” وجدناها في منزل الميـزوني”1154 هـ / 1740 م”,، حيث أخبرنا محمد التهامي مدير عام آثار رشيد أن “ذلك المنزل صاحبه محمد البواب الميزوني والد “زبيدة” التي عرفت بأنها أجمل بنات رشيد، حتى إنها تزوجت في عمر 18 سنة من سليم أغا الذي كان من أثرياء المماليك، ورغم ذلك لم يستمر زواجها منه أكثر من عام حيث وقع الطلاق بينهما ولم تنجب منه أي أبناء.
المنزل كما قال لنا “التهامي” يتكون من 5 أدوار، وواجهته بها خمسة أبواب بالدور الأرضي، ويؤدي أولهما الشرقي لمنزل الميزوني والثاني يؤدي إلي حجرة السبيل، والثالث إلى المخزن والرابع يؤدي لسلم منزل جلال الملاصق له، والخامس إلى مخزن منزل جلال،ويعلو كل من هذه الأبواب منور بالحديد، أما الباب المؤدي إلى حجرة السبيل فتعلوه بلاطات قاشانى زخارفها من الأوراق والفروع وزهور اللا اللا والزنبق والرمان بالأصفر والأحمر والأخضر، وعلى يسار الباب يوجد شباك السبيل وأسفله حوض رخامي ولوح رخامي عليه النص الخاص بالإنشاء.
وأخبرنا التهامي عن قصة زواج مينو من زبيدة، حيث قال إن “الجنرال مينو كان مبعوثا من نابليون بونابرت إلي رشيد لتسلم مفاتيحها في 1798م, ولأنه كان وحيدا ويحترم حياة المسلمين تطلع إلى زوجة منهم، لكنه لم يكن مسلما وهذا كان حائلا أمام زواجه من بنات رشيد، فما كان منه إلا أن أشهر إسلامه وأطلق على نفسه عبد الله، حيث جاء اسمه ولقبه في وثيقة زواجه من زبيدة “عبد الله باشا مينو صاري عسكر القطر المصري”.
وتابع التهامي: “كان يريد زوجة جميلة، لذلك بحث عن أجمل بنات ونساء رشيد حتى عثر على ضالته في”زبيدة” التي كانت أصغر منه سنا بحوالي 30 سنة لكنه عشقها وتزوجها، وقد تولى مينو قيادة الحملة الفرنسية بعد أن قتل سليمان الحلبي قائدها كليبر، وتركها في منزل والدها الميزوني وكانت حاملا في ابنهما الأول الذي أطلقوا عليه بعد ذلك اسم”سليمان”.
وأضاف: لم تنته قصتهما عند ذلك، حيث وقعت بعض فصولها خارج مصر، إذا إن مينو تلقى هزيمة على يد الإنجليز في الإسكندرية عام1801م حتى وصلوا إلى رشيد، وما كان من مينو وزوجته زبيدة وابنهما إلا الرحيل إلى فرنسا حيث كانت إقامتهم في مدينة تورينو، وبعدها عاشا لفترة في مدينة البندقية الإيطالية، وفي عام 1810 مات مينو مما دعا زبيدة للعودة إلي مارسيليا الفرنسية، حيث عاشت بها لفترة حتى وفاة ابنها سليمان,وحينها لم تجد بدا من العودة إلى مصر حتى ماتت ودفنت في بلدها رشيد التي شهدت مولد قصتها مع مينو.







المصادر :
الجنرال عبدالله مينو: الحقيقة عن ثالث قادة الحملة الفرنسية – للكاتب محمد عبدالعزيز منير * كاتب مصري
مذكرات ضابط فى الحملة الفرنسية على مصر
” جاك فرانسو مينو ” أسلم وتزوج زبيدة ليبقى قائد الحملة الفرنسية في مصر
https://www.mobtada.com/details/328157
https://www.elbalad.news/2360417